المقدمة :-
قديما قالوا وإذا أراد الله نشر فضيلة ٍ * طويت أتاحَ لهان لسانُ حاسد ، وقد ذكروا قصة رجل تقيٍّ خفيٍّ كان يساعد امرأة عجوز ليس لها بعد الله كفيلا،وكان كل يوم ٍ يذهب إليها خفية ً ، ولم يعلم ْ به أحد ٌ حتى رأه أحد حساده ذاهبا في طريق بيته الذي يمر في نفس الوقت على بيت امرأة سوء فظنَّ أن الرجل ذاهبا إليها فأبى أن يتبعه بمفرده؛ فجمّع أهل القرية كلهم ليضبوه – حسب زعمهم – بالجنحة ولكنهم سرعان ما ألْفَوْهُ كما ألِفُوهُ ... وأنا لست ُ هنا حاسد ٍ – وإن كان الحسد لمثل هذا الشهم محمود إذ يقول الصادق المصدوق : لا حسد إلا في اثنتين .وإنما غابط لهذا الشهم الذي رأيته في صفات الرجل الصالح فقد جمع بين الدنيا والدنيا مطبقا قوله تعالى : وابتغ ِ فيما أتاك الله الدار الآخرة ولا تنسَ نصيبك من الدنيا صدق الله العظيم وها أنا هنا أسطرُ في هذه الكلمات كل ذوق ذقته في تلك الأمسية الرمضانية الروحانية وقد كتبت هذه القصيدة في مجلسه أثناء أمسية دعينا إلى الاستماع فيها إلى كتاب الله تعالى ولنصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم وإلى الاستماع إلى الأنشاد الحسن ..ولقد أبهرني ما تميز به صاحب السمو وأبناءه من كرم ورحابة صدروأدب ٍ جم ، فكتبت هذه الأبيات في أثناء الأمسية في مجلسه ِ المبارك . جعلها الله ليلة قدر ورفع الله لهم ولنا والفخر والقدر دنيا وآخرى يا رب العالمين آمين.
والله أرجو أن يكتب لها ولنا ولكم القبول والفوز وتحقيق الأمنية بإذن الله تعالى ، إنه ولي ذلك وآخر دعوانا الحمد لله رب العالمين :-
حسناءُ قد شُرِّفِت في الخُلق ِوالخَلْق ِ = هامَ القريضُ بها في حلَّةِ العشْق ِ
واستأذن العيُّ بي قاموسَنا العربي = لكي يصوغ َ بديعا وافرَ الدَّفـْـق ِ
ورفرفت في ربا الإلهام رايَــتُــه ُ = فصاغها قلمي سبقا بلا لحْق ِ
في ليلةٍ من حماها الودُّ أوردةٌ = لكلِّ قلبٍ سما في ساحة ِالحــــق ِّ
في ليلةٍ عانقت روحي بها جبلا = من الصلاح ِوكان الرِّفـْـقُ بالرّفق ِ
يا برغشَ الخيرِ أبياتٌ أرددها = في ساح بيتك شعَّ النورُ للأُفْــــق ِ
توحَّدتْ شِيَعُ الأحبابِ داعية ً= لها القَـــبولَ وأن ْ تنجو مِـنَ الحَرْق ِ (1)
أَحْيَيْتَ ليلةَ فخرٍ باهرٍ وجلي= قد أُنْزِلَ الذكرُ فيها نافِيَ الحُمْـــــق ِ
أَحْيَيْتَ ليلةَ قدرٍ من بها قرنت = روحي لِمُحْيَي الدجى شكرا من العُمْق ِ
أَحْيَيْتَ ليلةَ مجدٍ ليلةً كَرُمت = بالعتق ِمن لهب النيران والـــــرِّقِّ
وُفِّـــقـْــتَيا خاطبَ الأخرى وبهجتها = جُزِيْتَ من ربِّنا من فضلِهِ الحَقِّ
أولاكَ قلبي احتراما إذ رآك لهُ = أهلٌ، وجلَّ ثناءُ العالم ِالفوقي
تفاعَلَتْ في الحشا قافي بمدحكمُ = أنَّى يُعَبِّرُ عن حرفِ الجوى نطقي
يا برغشَ الخيرِ والتاريخِ في ملأ ٍ= اللهُ أشهَدَهُمْ عدلا على الخـَلْــق ِ
قد صحَّ عندَ رجال ِالعلم ِمستندا = مثلَ الربيعِ كذا الشَيْخَيْــن ِ والنَتــْق ِ (2)
لما تلاحا بعصر المصطفى عَرَبٌ = قد أُخْفِيَتْ ليلة ُ التشريفِ والعـِــتْق ِ
فَــأْلَّــفَ المصطفى بينَ القلوبِ وقد = دعا بخير لمن يحذو بذي الطُّرْق ِ
وأنتَ طَـبَّـقـْتَ هـَدْيَ الهاشميِّ ، لذا = تـَفَـتَّـحَـتْ زهرتي في فاضل ِالخـــُلْــق ِ
سألتُ ربي لكَ التوفيقَ مكرمة ً = ما لاحَ للعين ِ فجْرا ً وامضُ البَرْق ِ
ويُلْهـِمَ النُّجْحَ أفكارٌ بكم عُرِفـَت ْ= بصائبِ الرأيِّ أو بالصبح ِفي الفـَلْـق ِ
ويُجْـبِـرَ الجُـرْحَ بالأولاد ِ كُـلِّهـِـم ِ = إنِّي رأيْـتـُـهُـم ُ للفضل ِفي سـَبْــق ِ
هُـمْ نسخَة ُالأبِ في خُـلْق ٍ وفي ألَــق ٍ = قد عانقوا الطِّيْـبَ تشرِيْـفا لذي الصِدْق ِ
وختمُ نظمي بآيات الصلاة على = محمد ٍ كامل ٌ في خُـلـق ٍ وفي خـَلْــق ِ
مُسَلِّـماً ما سعى وجدٌ لروضته = وبرغشا شاكرا في ليلـــة ِ الحَـــقِّ
...................
1- جاء في حديث يرويه سيدنا سلمان رضي الله عنه خطبنا رسول الله في آخر يوم من شعبان إلى أن قال وتسألونه الجنة وتستعيذون به من النار .. وقد ضمنت بيتي هذا المعنى.
2- قصدت بالبيت حديثا رواه ائمة معتمدون كالإمام الربيع بن حبيب العماني،والشيخان ورواه أيضا المضطربون في الرواية والكلام مبسوط في كتب العدل والتجريح، والحديث إشارة إلى قصة أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج ليخبر أصحابه ليلة السابع والعشرين ليخبر أصحابه عن ليلة القدر فتلاحى رجلان فرفع وقتها ودلَّ النبي صلوات ربي وسلامه عليه أصحابه أن يلتمسوها في الوتر من العشر الأواخر .اللهم أجعلها القدر واكتب لنا بها الفخر والقدر أنك عفو تحب العفو فاعف عنا يا رب العالمين.